الإنسان وغايته عند ابن باجة


إن الإنسان من وجهة نظر ابن باحة يشارك الحيوان في النفس الغاذية والمولدة والنامية، ويشاركه في مجموعة من الأشياء، كالإحساس والتذكر والتخيل، لكن الإنسان يتميز عن الكائنات الأخرى بالقوة الفكرية، لأنه ذات عاقلة ومفكرة، قلنا أن الإنسان بالنسبة لابن باجة يمتاز عن الحيوان الغير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية (العقل.) ولا يكون الإنسان عاقلاً إلا بالقوة الفكرية. يرى الإحساس الصادر عن الأفعال لا اختيار له في هذه الأفعال، لكن الأفعال الإنسانية المتعلقة به أو الخاصة هي ما يكون باختياره، كل ما يفعله الإنسان باختياره فهو منه أي فعل إنساني صادر عنه، وكل فعل إنساني ما هو إلا فعل اختياري، وهنا يقصد بالاختيار الإرادة الكائنة عن روية ".

أما بالنسبة للإنفعالات الصادرة عن العقل (الانفعالات العقل.) فهذه المسألة لا يختص بها الإنسان بل يرى بأن الحيوان يشاركه فيها:مثلالهرب من الفزع (الخوف)، الإلقاء في الروع، وجل الانفعالات. يرى أن معظم الأفعال الصادرة عن الإنسان مركبة من بهيمي وانساني، فالفعل البهيمي هو الذي يتقدمه في النفس الانفعال النفساني فقط، مثل الغضب، الخوف، التشهي،  والإنسان يتقدمه امر يوجبه كالفكر، إذن الإنسان هو المحرك هو كل ما يوجد في النفس من رأي واعتقاد. فالنفس البهيمية لا علاقة لها بأي فعل يبحث لأجل الرأي والصواب، كما يؤكد على مسألة العقل الإنساني، يجب أن يكون هذا الإنسان فضلاً بالفضائل الشكلية، وذكر هذه المسألة واكدها بصيغة أخرى في كتابه وقال لذلك كان الإنسان الإلهي ضرورة فضلاً بالفضائل الشكلية، وهناك من اختلف مع في التأويل والتفسير من الفلاسفة حيث اختلفت المواقف وتبيانت الآراء بين مؤيد ومعارض في هذه المسألة وإن سبقوه  للفكرة، وهذا هو دور الفلاسفة والفلسفة في تحليل ومناقشة المواضيع بما فيها.

يرى أن الإنسان له حالة من الحالات يشبه النبات، في مسألة الزمان فإنه يحتوي عليه الرحم، فعلى سبيل المثال إذا كمل تخلقه، يصبح يتغذى وينمو، هذه الأمور توجد للنباتات في بداية وجوده، كما أن إذا خرج الجنين من بطن أمه واستعمل حسه أشبه عنده بالحيوان الغير الناطق، وإنما يحصل هذا التشابه بالحس المشترك في الصورة الروحانية، أما فيما يخص الصورة الخيالية هو المحرك الأول في هذه الصورة المرتسمة، كما أن للإنسان ثلاث محركات القوة الغاذية، القوة الحسية (المنمية) والقوة الخيالية وهذ القوى فاعلة بها، أو المحركات الثلاث في مرتبة واحدة" وإن اختلفت في التعريف، وهذه القوى بالفعل موجودة، فمثلا الفرق بين القوة المنفعلة والقوة الفاعلة، وبالتالي فإن في القوة المنفعلة العدم، لأن هذه الصورة (المحسوسة) من أول مراتب الروحانية،ونسب إلى الحيوان، لأن كل حيوان حساس. فيقال الإنسان حيوان بالقوة وإن كان أشبه بالنبات، وذلك أن روحه الغريزية تقبل الصورة الروحانية، لذلك هو حيوان بالقبول، على غرار النبات يكمن فيه ذلك وإن كان متشابه مع الإنسان. الإنسان أحوال مختلفة بحسب مراحل نموه، في السن اليفاع مرحلة مختلفة عن مرحلة الروية فإنه في هذه المرحلة يكون إنساناً مكتفيا. اما فيما يتعلق بغاية الإنسان فإنه قسمها لثلاثة:

أولاً - الصورة الجسمانية ثانياً - الصورة الروحانية العامة. ثالثاً - الصورة الروحانية الخاصة. فأما الصورة الأولى فإنها هي الإنسان بكونه جسم، وأما الصورة الأخرى توجد في كثير من الحيوانات مثل العجب للطاوس، والملق للكلب، والكرم للديك، والمكر للثعلب ، والصياد للأسد، فإن كانت هذه الخاصيات للبهائم، كانت طبيعة النوع مختلفة، أما بالنسبة للإنسان وحده الذي تكون له هذه الصفات بأشخاصه لا بنوعه.

 أما فيما يخص الكمالات الفكرية فهي أحوال خاصة بالصور الروحانية الإنسانية، كصواب الرأي و المشورة وكثير من هذه الأمور الذي يتميز بها الإنسان، كقيادة الجيوش والخطابة، والطب، وتدبير المنزل، فمن الناس من يراعي صورته الجسمانية فقط، ويطلق على هذا النوع بالخسيس، ومنهم من يعاني صورته الروحانية فقط، ويطلق عليه بالرفيع الشريف، وكما أحس مراتب الجسمانية من لا يحفل بصورته الروحانية عن صورته الجسمانية والعكس بالنسبة للصورة الجسمانية، فإذا لم يحفل بهذه الصورة الجسمانية للروحانية فتكون هذه المراتب أفضل، كما أن من يؤثر جسمانيته على شيء من روحانيته فلا يمكن أن يعرف الغاية القصوى أو يدركها، والفيلسوف بالروحانية أشرف ويكون فاضلا وحكيما ويصبح بالضرورة إنسان فاضل شريف وبالجسمانية يكون إنساناً موجوداً، إذن هذه المقارنة بين الجسمانية والروحانية تمكننا من معرفة المراتب، كما رأينا أن الإنسان بالجسمانية لايتميز عن الإنسان بالروحانية أو الفيلسوف، هذا الفيلسوف يشارك كل طبقة في أفضل أحوالهم، وينفرد عنهم بأفضل الأفعال وأكرمها.

الباحث عبد العزيز الصغيار

تعليقات